بداية حياتي غلطة , مالي دخل فيها , دفعت الثمن غالي , , آه يا قصة حب أنا البطل فيها , زال الحب ألي جمع قلبين واتركوني بهالكووووون وحدااااني .
حينما أقراء كلمات الشاعر خالد المريخي (( الأم ما هي أم الأم كنز حنية )) أعلم بأن المقصودة ليست أمي , لأن أمي ليس في قلبها ذرة حنان , يتخيل لي أمي كيف رمتني في وقت متأخر من الليل وفي زمهرير البرد , وأنا اصرخ ملفوفا بقطعة قماش أمام أحد الجوامع وأمي تدير ظهرها لم تلتفت لي كانت تتلفت يمينا ويسارا خوفا أن يراها أحد ,رمتني وانصرفت رمتني في الظلام , و إلى الظلام , وعشت حياتي في ظلام, أصرخ بصوت عالي وعالي..و عالي.. تقطع قلبي من الصراخ وقلب أمي كالحجر لم يهزه شيئا .
يا عزيزي القارئ بقدومك إلى الدنيا تفرح بك الدنيا.
يا عزيزي القارئ بقدومك تنسى أمك جميع آلام الحمل والولادة .
يا عزيزي القارئ بقدومك أبوك لا تسعه الأرض من الفرح .
يا عزيزي القارئ أسأل نفسك من أختار اسمك وعلى من سموك .
يا عزيزي القارئ أختلف أنا وأنت بالتربية فالتي ربتك أم واحدة أما أنا فلدي أكثر من أربعين أم .
أما أنا فحملي هما على أمي , وغما على أبي . وقدومي حزنا وألم وآهات .
لا أعلم من سماني ,ومن رباني , أتيت إلى الدنيا بالسر حتى أبي لا يعلم بقدومي و يا ليتك يا أبي كنت شجاعا فصححت الخطأ فكل الناس يخطئون , الله لو أن أبي تزوج أمي لما أصبحت مجهول الهوية .
طلعت على الدنيا وأنا في الدار الاجتماعية كانت هي أمي وأبي وهي عائلتي , كذبوا علي الدار قالوا انك يتيم وأباك وأمك قد توفيا بحادث , عشت مع هذه الكذبة سنين طويلة , كنت ادعي لأمي وأبي في كل صلاة , كان لدي أسئلة كثيرة لم أجد لها إجابة كنت أسئل عن أعمامي وخوالي وأبناء العم وعندما أسئل المشرف أبو عبد العزيز يتهرب من الإجابة .
وفي أحد الأيام وهو يوم لن أنساه واليتني مت قبل ذلك اليوم , ناداني المشرف أبو عبد العزيز وكان معي صديق الطفولة خالد وأخذ يمهد لنا بدأ قولة بأن المسلم يبتلى , وعليه الصبر, والدنيا ليست أكبر همنا , و,و,و ثم أخبرنا بأننا لقيطين.
صديقي خالد حكايته مثل حكايتي والفرق بيني وبينه إن أمي رمتني عند مسجد وأمه رمته إمام احد المستشفيات الحكومية , رئيت صديقي خالد وعيونه ملئت بالدموع حينما عرف الحقيقة المؤلمة , حاولت إن أواسيه في مصيبته , حاولت إن أواسيه ومصيبتي أعظم , حاولت إن أواسيه وأنا في داخلي نار موقدة , وحينما اقتربت منه لم أتمالك نفسي فانفجرت بالبكاء , المشرف أبو عبد العزيز لم يتحمل إن يرانا بهذا المنظر فأغمض عيناه وأغلق باب الغرفة علينا وانصرف , شعور لا يوصف , شعور يقف قلمي حائرا عن وصفه , وتعجز الكلمات عن وصفه ,وحتى دموعي التي ملئت الأرض كانت مقصرة في وصف شعوري .
كان في السابق لدي الكثير من الأسئلة التي لم أجد لها حل وبعد أن عرفت أنني لقيط عرفت جميع إجابات الأسئلة المبهمة .
بعد أن علمت أنني لقيط نظرتي تغيرت للمجتمع 180 درجة , فلا يوجد شخص بالمجتمع يناظرني نظرة واقعية فإما إن تكون نظرت عطف وحنان أو نظرة حادة وقاسية جدا تحملني الخطأ والصحيح أنني ضحية خطأ , فلا أخفيكم إن لدي شعور بالنقص , ولدي كره لذاتي غريب , وحقد على المجتمع , وحسد على الناس , فلا تلوموني ولومي أبي وأمي , كيف لا يتولد في داخلي الحقد والحسد وأنا أعيش عشرون عاما أو تزيد بين أربعة جدران , كيف لا يتولد في دخلي الحقد والحسد وأنا أعيش عشرون عاما أو تزيد محروما من أجمل كلمة في الحياة وهي (( أمي )) .
كثير من أصدقائي خرجوا وأنا رفضت الخروج قد يكون الحب الزائد للدار كان يقف خلف بقائي في الدار .
وبعد إن أكملت ثلاثة وعشرون سنة وبالتحديد في آخر شهر رمضان وقبل صلاة القيام بنصف ساعة أخبرني أحد المشرفين بأنه يوجد امرأة عند الباب تريد مقابلتك
وأنا في الطريق لها أخذت أفكر من هذه المرأة وماذا تريد ولماذا تريدني أنا بالتحديد , وحينما رأيتها من بعيد واقفة أمام الباب الخارجي سبحان الله راودني إحساس وشعور غريب يقول إن هذه أمك , استعجلت في المشي وحينما وصلت لها .
قالت لي أنا أمك يا زياد ,لم أصدق أن التي تقف أمامي الآن هي أمي .
قلت لها
أين أنتي عني يا أمي ؟
قالت : أنا كنت أأتي إلى الدار وأطمئن عليك من فتره إلى أخرى .
كانت تتكلم ولا أستطيع أن أميز كلامها فبكائها وفحيح صدرها لا يجعلني أركز في حديثها , ولكنني مسكت آخر كلمتين سامحني يا ولدي , وكانت وهي تتحدث تتلفت يمينا ويسارا وحينما رمتني عند المسجد كانت تتلفت يمينا ويسارا , وقلت لها يا أمي نحن الآن في شهر رمضان المبارك وبالتحديد في ليلة سبع وعشرون وفي الثلث الأخير من الليل ورفعت يديه إلى السماء رفعت يدي إلى الله سبحانه وتعالي وقلت (( اللهم انك في الثلث الأخير تنزل إلى السماء الدنيا وتقول هل من داعي فأستجيب له , اللهم إني أسألك بكل أسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك,,, اللهم خلد أمي في نار جهنم اللهم خلد أبي في نار جهنم اللهم عليك بهم )) كانت تصرخ بصوت مرتفع ولكن كان صوت صراخي حينما رمتني عند المسجد أعلى , ثم درت لها ظهري وانصرفت ولم ألتفت لها لأنها عندما رمتني عند المسجد لم تلتفت لي. وانتهى اللقاء وانتهت قصتي.
قصة مؤثرة أثارت شجوني واستفدت منها الكثير في حسن الظن وتذكرت واجبي الذي تناسيته اتجاه أناس ظلمناهم بنظرتنا نحوهم وتهميشهم وكأنهم لهم ذنب بقدرهم ..
أمسكت ديمة بيد أستاذة سمر الأخصائية النفسية وقالت وهي تبكي..
(بربك أي عدل هذا الذي تحدثيني عنه؟! بعد ثمانية عشر عاماً تخبريني..؟! بعد أن بدأت جراحي تلتئم تفتحينها وتؤلميني؟! لماذا في هذا الوقت بالذات؟)
مسحت دموعها عن خدها..
(هل تعلمون ما الذي نعانيه؟! هل تعلمون الآلام التي نعيشها؟!)
تنهدت بحرقة وهي تقول..
(أعرف أننا لديكم مجرد أرقام وحالات وملفات تدرسونها اجتماعياً ونفسياً! أما آلامنا.. جراح قلوبنا التي لم تذق طعم الحب والحنان فلا تعرفون عنها شيئاً)
حاولت سمر مقاطعتها والتعليق على كلامها لكنها لم تستطع.. فلاذت بالصمت..
اقتربت ديمة من المكتب وأمسكت صورة أطفال الأستاذة وقربتها من وجه الأستاذة وهي تقول بهدوء..
(انظري..
انظري لصورة أطفالك..
انظري لعيونهم..
وقارني بينها وبين عيوننا..
عيا قارني..
لتعلمي أن الفرق بيننا كبير.. وشاسع..
عيون مشبعة بالدفء.. وأخرى محرومة ضائعة تبكي بلا دموع..)
رفعت عينيها نحو سقف الغرفة بهدوء.. وقالت بهمس..
في كل ليلة..
كل ليلة.. أتأمل وجهاً من صنع خيالي..
أرسم التفاصيل لوجه حبيب وأخط له أجمل عيون.. وأجمل أنف وفم.. أمنحها صوتاً رخيماً دافئاً..
أجلس في أحضانها.. وأقبلها.. وأتركها تمسح بيدها على شعري..
تلك الأم.. التي تخلت عني..
تنهدت ثم أكملت بخيبة أمل.. وهي تنظر للأرض..
(حقاً لا أحد يعرف ظروفها.. لكن.. لا عذر لها..)
وفجأة داهمتها موجة غضب وصرخت..
(لا عذر لها أن ترميني في الدار أتعذب بلا أم أو أب كل تلك السنوات.. لا عذر لها أن تترك فلذة فؤادها بين المربيات المستأجرات.. تقاسي الأمرين.. تسول من أعينهن نظرة حنان أو حب فلا تجد.. يتغيرن سنة بعد سنة.. فلا تثق في حب مربية خوفاً من فقدانها وذهابها..)
(لا تكوني قاسية هكذا يا ديمة.. فأنتم ولله الحمد تحظون بالرعاية والعناية والمسئولون يقومون بزيارتكم و..)
رفعت ديمة يدها مقاطعة.. وقالت باستخفاف..
(نعم.. نعم.. يقومون بزيارتنا مرة أو مرتين في السنة، لكن كضيوف شرف ومعهم الإعلاميون لتسجيل الزيارة.. وبالطبع قبل قدومهم يتم تنظيم الأمور حتى يبدو الوضع بلا مشاكل أمامهم!!
(لا يا ديمة.. لا تتحدثي بهذا الأسلوب السوداوي.. تفاءلي واحمدي الله..
أكملت ديمة بهدوء غير آبهة بما قالته سمر..
(في صغرنا.. كنا نعلم أننا أيتام فقط.. كانت لنا كرامة بعض الشيء.. هه.. كان الجهل نعمة لنا.. رغم الألم والحرمان واليتم.. كنا غارقين في عالم الطفولة البريء..
أما الآن فقد تغير كل شيء.. بدأت مشاكلنا في الظهور.. وكل باحثة أو دارسة نفسية تأتي إلينا تبدأ في إظهار قدراتها وتتعامل معنا كفئران تجارب حتى تثبت صحة نظرياتها!
نظرت نحو البعيد تسترجع ذكريات قديمة..
(لا أنسى ذلك اليوم الحزين الذي عرفت فيه حقيقتي وكان عمري اثنا عشر عاماً فقط..
طبقت علينا إحدى الباحثات النفسيات نظريتها حتى تستكشف رد الفعل.. فشرحت لنا وضعنا الاجتماعي ونحن في ذلك السن..
حقيقتنا المرة.. أننا.. لقطاء.. أطفال غير شرعيين..
أي حقيقة أكثر ألماً من هذه؟.. قولي لي..!)
وانكفأت على وجهها باكية بحرقة..
لم تعرف سمر ماذا تقول لها.. وأخذت تفكر في هذه النظرية التي وجدت ترحيباً من المسئولين والمهتمين كدراسة تطبيقية. ولكن إنسانياً.. ألم يفكروا في ألمها؟ ألم يتخيلوا كيف تحطم أنفس هؤلاء الأيتام وأرواحهم الشفافة وهم في ذلك السن الخطر؟ ما جرمهم.. ما ذنب هؤلاء الأبرياء حتى يسقوا العلقم..؟
قامت ديمة ووقفت أمام سمر.. وأكملت بتلعثم..
(عندما علمنا بحقيقتنا أول الأمر كنا نلعن تلك الأم التي تخلت عنا.. وعندما هدأت براكين الغضب.. بدأنا نفكر بهدوء.. لم يعد في أعيننا سؤال سوى.. من نكون؟ من أمهاتنا؟ من هي هذه الأم التي رمت بقطعة قلبها في الشارع لتمسح فعلتها الدنيئة؟.. أين هي الآن؟ هل هي موجودة وحية؟ هل تفكر بنا كما نفكر بها؟ أم أنها قد نستنا تماماً؟ هل تحس بما نتعرض له من ألم كل يوم بسببها؟ هل.. هل تحبنا؟
فيما بعد.. لم نعد نكرهها.. لأننا لم نعرف الحب.. فكيف نكره؟!
كم تعرضنا في حياتنا للظلم والقسوة... فأي خطأ نرتكبه ولو كان بسيطاً يفسر ألف تفسير وتفسير.. فنحن.. مختلفون عن الأطفال الأسوياء.. نحن.. موطن شك وريبة..
لم تستطع أن تتماسك فانهارت بالبكاء مرة أخرى..
اقتربت منها الأخصائية وضمتها إليها ومسحت على رأسها وهي تقول..
(كل هذه المشاعر تخفينها يا حبيبتي؟)..
هدأت نفسها وتذكرت السبب الذي من أجله استدعتها الأخصائية.. فقالت..
(حسناً.. أوافق أن أقابلها يا أستاذة سمر.. لكن بشرط.. أن أراها دون أن تراني.. أريد أن أسمع صوتها.. أرجوك أريد أن أسمع صوتها وقصتها كاملة وبعدها أقرر وأخبرك بموافقتي على لقائها أو لا..)
قالت سمر (من حقك يا ديمة اتخاذ القرار ولن نجبرك على شيء.. ستأتي صباح الغد بإذن الله.. اذهبي الآن إلى غرفتك.. وخذي حماماً منعشاً ونامي جيداً وسأرسل لك قبل مجيئها صباحاً)..
حين خرجت من غرفة الأخصائية اتجهت إلى غرفتها فوجدت أخواتها من أسرتها تجمعن هناك.. ارتمت على صدر أختها هناء باكية.. فقالت صباح بتهكم.. (احمدي الله يا ديمة.. فبدل أن تفرحي بهذا الأمر تتأزمين وترفضين؟ حقا أنت غريبة!)
ثم أتبعت (ليتني في مثل وضعك لرضيت وقنعت.. ولكن هيهات أنا أعلم بوضعي كله.. !)ووقفت وهي تؤدي حركات استعراضية.. وتشير بيدها كالمهرج..
(أنا ابنة السنيورة!.. الجميلة! حاوية القمامة.. القبيحة..!).. وقهقهت ضاحكة بمرارة.. وابتعدت راكضة بعيداً عن المجموعة تكاد تحرقهم بنظراتها الغاضبة..
نظرن إلى بعضهن نظرات كسيرة.. نعم إن لكل واحدة قصة لا ناقة لها بها ولا جمل.. فهن مجرد ضحايا..
استيقظت ديمة على يد تهزها برفق وصوت يناديها..
- ديمة.. ديمة.. انهضي حان الموعد ستأتي..!
أفاقت بعينين ناعستين ذبلت رموشها من كثرة البكاء طوال الليل.. وابتسمت لهناء رفيقة دربها.. السمراء الحنونة..
- أحقاً يا هناء؟! ستأتي هي بنفسها..؟
- نعم.. هي ستأتي بعد قليل.. هيا يا كسولة بسرعة.. هيا..
قامت ديمة بتثاقل فهي لا تملك حيوية هذه الجوهرة السمراء هناء..
لبست ديمة ملابسها بكل عناية.. ورفعت شعرها الطويل بشكل مرتب.. وارتدت صندلاً خفيفاً.. وبدت رقيقة وجميلة..
سارت في الممر الطويل المؤدي إلى المكتب الخاص للأخصائية سمر بالقرب من الحديقة الصغيرة..
لم تكن تشعر بأي مشاعر.. طرقت الباب بكل أدب ثم دخلت.. باغتتها سمر..
- هيا بسرعة! أخرجي من الباب الخلفي وسأفتح الشباك حتى تسمعي كل ما يدور بنفسك..
وقفت ديمة خلف الشباك وأحست بحركة وسمعت عبارات ترحيب.. فبدأ قلبها يخفق بشدة.. يكاد يقفز من بين أضلاعها.. فتماسكت ودعت الله أن يعينها..
وبيدين مرتجفتين سحبت جزءاً من الستارة.. لكنها لم تر شيئاً فالضيفة قد أعطتها ظهرها من الخلف ولم تميزها لأن العباءة تغطيها من أعلى رأسها لأخمص قدميها..
سمعت سمر تتحدث للمرأة.. ثم سمعت المرأة لأول مرة تتحدث.. بدأت تبكي وتقول..
(أرجوك يا أستاذة سمر أنا متأكدة أنها ابنتي الحبيبة.. لديها شامة مدورة بحجم الريال المعدني وأنا لدي واحدة بذراعي مثلها..
رفعت ديمة كم بلوزتها.. وأخذت تنظر للشامة وكأنها تنظر إليها للمرة الأولى وهي ترتعش من التأثر والقلق..
أخذت الضيفة ترجو سمر أن تراها وتقابلها.. وتقول..
(أرجوك.. لم يعترف لي والدي إلا منذ فترة بسيطة قبل وفاته.. فاجأني بطلبه السماح مني قائلاً أنه كان يحترق ألماً علي لكنه لم يرد إخباري.. لقد قال لي والدي أن ابن عمي صادق في أنه لم يختطف ابنتي أو يقتلها.. وأعطاني والدي حقيبة سوداء قال أن كل الحقائق موجودة فيها.. قال والدي.. أنه تخلص هو من ابنتي لأنه لم يتحمل أن يترك ابنة من خان الأمانة تعيش معه..
قال والدي بكل حسرة وندم.. أنه لم ولن يسامح ابن أخيه الذي انتهك عرضي.. عرض ابنته الوحيدة.. لذا أراد أن يتخلص من هذه الطفلة البريئة التي كانت ستلطخه بالعار.. فوضعها أمام دار حضانة الأطفال الأيتام مع رسالة تفيد بأن اسمها ديمة عبد الله..)
تنهدت قليلاً ثم أكملت..
(أخبرني والدي أنه كان يزور الدار كل أسبوع ليراها حين كانت طفلة.. كان يزورها بصفة أنه متبرع وفاعل خير.. ألا تعرفينه.. إنه الشيخ أبو محمد الزائر الدائم للأطفال..)
ترددت ثم قالت بعاطفة شديدة..
أرجووووك يا أستاذة سمر.. أرجوووك أريد أن أراها الآن.. لم أعد أحتمل.. أريد أن أرى ابنتي)
وحاولت أن تنهض فلم تستطع فوقعت على الأرض من على كرسيها المتحرك..
صرخت ديمة من شدة التفاعل مع أمها التي لم تتخيل يوماً أن تكون معاقة.. وأطلت من النافذة.. التفتت الأم إلى مصدر الصوت.. فكأنها تنظر لصورتها في شبابها..
(إنها ابنتي!!.. ابنتي) قالتها شاهقة.. وأخذت تزحف نحو النافذة بكل ما تستطيع..
أقبلت ديمة مسرعة من الباب تصرخ (يمه.. يمه) .. ومدت يديها نحو أمها تعانقها وتقبلها وتشم رائحتها التي افتقدتها طوال حياتها ولم تعرفها إلا هذا الصباح مع رائحة الندى..
(عذراً يا أمي لم أكن أعلم بحقيقة قصتك، وحالتك الصحية.. سامحيني لأني لم أوافق على رؤيتك سامحيني)
صمتت الأم طويلاً إلا من شهقات البكاء ثم قالت..
(والله يا بنيتي لم يكن لي يد في ما جرى لك.. لقد حملت بك كما علمت بسبب اعتداء من ابن عمي.. وفوجئت باختفائك بعد ولادتك بساعات.. كان قلبي يحترق ألماً طوال ثمانية عشر عاماً وأنا لا أعرف مصيرك المجهول)
أخذت ديمة تقبل يدي أمها وتمسح بها دموعها.. عاجزة عن الكلام..
(كلانا يا ديمة ضحية.. فنحن وجهين لعملة واحدة...)..
هذه القصة سمعتها بنفسي من رئيسة أحد دور رعاية الأيتام واللقطاء القصة ومافيها هيه:
دخل صاحب أحد البقالات بقالته كعادته في الصباح وقت فتحها وسمع وقتها بكاء طفل فراح يبحث في البقاله الي تكون المفاجأة طفل رضيع وضع على أحد الأرفف وخده مأكول بسبب فار..تخيلوا الموقف طبعا الرجل ابن حلال وداه للدار قاموا برعايته والآن الولد كبر عملوا له طبعا عملية تجميل في وجهه..
وطفل ثاني كان يعني عارفين ماشاء الله الأطفال كيف حركتهم المهم راحت المسؤولة برعاية هذا الطفل اشتكيو على المديرة فراحت له المديرة وقالت له ليش تسوي كدا ترى بعدين اشتكيك لأمك (طبعا كان تغيير المربيات في كل شهر وحده) فقلها الطفل بكل براءة أي ماما فيهم..ماقدرت المديرة تمسسك دموعها وبكيت...تخيلوا..والله أشياء تبكي..
ليش ياناس أطفال أبرياء إيش ذنبهم ..
سمعت قبل أيام قصة مؤلمة عن اللقيط
مما جعلني أفكر وابحث عن زوايا الموضوع فوجدت
مايذيب اشد القلوب قسوة ...
فاسمحوا لي ان أتحدث على حريتي واعذروني على التقصير
يقال دائما أن الصورة تغني عن ألف كلمة
هل رأيتم مدى بشاعة المنظر
ماذنب هذا الطفل البرئ الذي أتى للدنيا بسبب لحظة ضعف بشري قادت أبواه إلى درب الخطيئة
بأي ذنب يقتل ويرمى في القمامة؟؟!!
أم لان ليس له قوة يدفع بها عن نفسه الأذى
هل ماتت مشاعر والديه التي كانت ملتهبة جدا فاتت به إلى الدنيا
حتى يقتلانه بكل بساطة وبكل وحشية
يلقيان به إلى عرض الطريق
والأدهى إنهما قد يعودان لقبيح فعلهما مرة أخرى
فيرتكبان الخطيئة مرة أخرى فالحل
سهل وبسيط ينتظران ولادته
ثم يلقيان به في العراء
فقد ماتت الأبوة في قلب والده
وفقدت أمه معنى الأمومة
حتى الحيوانات لم تفعل مافعلاه
فقد تجردا من كل معاني الإنسانية بفعلتهم القذرة
هل اكتفيتم أحبتي
إني لم اكتفى فمازال في جعبتي الكثير
هل نظرتم إلى البراءة وقد مات
ماذنبه
هذا ماجناه عليه أبواه
ولكني اتسائل لم لم يذهبوا به إلى ملجأ
فقد كان ذلك أكرم لهما
إذا كان السبب خوفهما من الفضيحة
لقد اخطئا ولكن هل من الحكمة معالجة الخطأ بخطأ اكبر
ضحية من ضحايا المجتمع وُلدت ورُميت على رصيف الحياة بعد أن تكونت عظامها ولحمها وكساها جلدها ،،
لتجد من يلتقطها ويرعاها منذ بدء تكوينها وظهورها بفجر الدنيا فتلقى نفسها وحيدة بلا أب يسأل عنها أو أم
ترمى عليها بحضنها ،،
يايمه أسألي سجودي *** بأعلى الصوت يدعيني
يايمه أسألي ركوعي *** من حالي بيرثينـــي
يايمه أسألك أنتــي *** إلى يومك تحبينـــي
يهون عليك يايمــه ..*** بثوب العار تكسينــي
يهون عليك هالعالم *** لقيط الدار يسمينــي
ما مصير هذه اللقيطة المسكينة الضحية ؟ّّّ!!
ما أسوأ حال هذه الشخصية المأساوية !!
لقيطة وكلما كبرت ،، شعرت رغم أن الناس حولها أنها غريبة ،،
تأكل وتشرب وتسكن ببيت غير بيتها الحقيقي ،،
وفتيات أخريات يعشن ببيتهن الحقيقي الذي يحوي أم وأب وإخوة ،،
لقيطة لا تدري من أمها وأباها !!
يادنيا وينهـا أمي؟؟ *** ليه يايمه تعافيـني؟؟
أنا ولدك أنا أنتي *** أنا ياكيف تنسيني ؟؟
أنا شسويت يايمه *** أنا شذنبي أنا شفيني
أنا غلطان يايمه *** أنا ياكيف بعتيني ؟؟
ياليتك جاهله يمه *** وبإيدك وأدتيــني؟؟
ياليتك قبل ما أحيى *** أنابجوفك قتلتينــي
أنا شسويت يايمه *** أنا شذنبي أنا شفيني
يايمه أحلف بربـي *** دعاء منك يحمينـي
يايمه ياترى وحشتك *** مثل ماأنتي وحشتيني
يايمه وينها عيونك *** من دموعي تواسيني
يهون عليك يايمه *** بلا أسم تخلينـــــي
أنا سارة أنا نوره؟؟ *** أنا كيف بتنادينـــي
تساؤلات استفهامية تدور بمحور حياتها منذ لحظة وعيها بالحياة إلى موتها !!
إذا كبرت ،، كيف يتقبل المجتمع وجودها !!
هل مجتمع يرفض فتاة بلا نسب أوهوية !!
أم مجتمع يتعاطف ويتعامل معها كأي إنسانة بالوجود ولا ذنب لها بشيء!!
هذه اللقيطة ،، ممن ستتزوج وكيف ستتزوج !!
هل ستتزوج من لقيط مثلها ،، أم من شاب ذو عائلة وحسب ونسب مختلف عنها !!
وإذا تزوجت من شاب ذو عائلة وحسب ونسب ،،
فستسأل مرات كثيرة عن عائلتها ؟؟!!
وتأتي الإجابة لتهزها وتثير حزنها وكسرتها وكأنها زلزال يريد أن يسحقها ويفنيها من الوجود
وسيكون ردها بكذبة أو سكوت ،، وصورة الحزن بداخلها منحوت ،،
وإن لم تتزوج فلن تدري ما مصيرها المجهول الذي خبأها لها القدر !!
هل ستبقى لقيطة عانس أم ماذا سيخبأ لها القدر من مفاجآت !!
أو مفجعات !!
إنها لقيطة ،،
ضحية أم وأب جلبا العار لأنفسهم بعلاقة غير مشروعة قبل أن تسبب لهم العار ،،
فهما العار وليست هذه اللقيطة هي العار ،،
كلمات ،،
آهات ،،
زفرات ،،
وتساؤلات تقتلني ،،
أفيقوا يا من ترمون كل رضيع أو رضيعة أمام مسجد أو جانب القمامة ( أكرمكم الله ) ،،
فقد يمر حيوان بجانب القمامة ( أعزكم الله ) ويشفق عليها وهو حيوان وأنتم بشر ولا تشفقون عليه أوليس بداخلكم ذرة رحمة ,,
إن قضية اللقيط أو اللقيطة أمر صعب ومرير للغاية وكلما كبرت اللقيطة صعبت عليها الحياة أكثر فأكثر ،،
يايمه سامحك ربـي = يوم أنك شقيتينـــي
يايمه سامحك ربـي = يوم أنك خذلتينـــي
يايمه سامحك ربـي = على مر جرعتينــــي
يايمه أنتي مو أمي = أنا أمي ما تخلينـــي
من كل قلبي لا أقول سوى ،،
تباً لكل من ترك رضيع بالطرقات يعاني من قسوة الحياة والظلمات ويكون لقيطة أو لقيط ،،
ويبدأ مشوار معاناته وقوة صبره ،،
حسبنا الله ونعم الوكيل على كل أم رمت بابنها أوابنتها التي كانت بأحشائها ثم تولد ومدى الحياة
تحرم منها ومن حضنها ،،
وحسبنا الله ونعم الوكيل على كل أب رمى بابنه أو ابنته التي تكونت من مائه وترمى بلا رعاية
أبوية أو حزم وتوجيه منه لها فتحرم من أباها ،،
ياأنتي أيه ياأنتي= أبي تنسي عناويــنـي
وأبي تنسين يــوم = أسود يوم أنك ولدتيني
وكل يومي أنا بدعي = لباس الصبر يكسينــي
وأنا مؤمن برب الكون = خلقني مايخلينــــي
وأنا مؤمن برب الكون = خلقني مايخلينــــي